الخميس، 27 مارس 2014

كلام رائع للإمام الحداد عن فساد الزمان وتولية المتأهلين

كلام رائع للإمام الحداد عن فساد الزمان وتولية المتأهلين

أهديكم جوهرة نفيسة من كلام إمامنا العظيم، السيد المجدد، الحبيب عبدالله بن علوي الحداد (ت 1132هـ)، رحمه الله ونفعنا به. وردت ضمن رسالة منه الى تلميذه الفقيه العلامة عبدالله بن محمد بن عثمان العمودي، القيدوني.

قال الإمام رحمه الله، بعد أن عزى تلميذه في بعض الفقهاء بقيدون:
(... وهو كما ذكرتم كان قائماً بوظيفة التدريس والحكم ببلدة قيدون المباركة، وأنه وقع لكم كما وقع لغيركم: أنه لا يصلح لذلك من بعض الوجوه، أو أكثرها، إلا الفقيهُ العفيف عبدالله بن عثمان، فذلك كذلك.

ولكن [هو] ممن نشير به، ولا نشير عليه. وهي عادة الأخيار مع الأخيار، في أمثال هذه المراتب المخْطِرة، التي هي كالصفاء الزلال، لا تثبت عليه إلا أقدام الكمّل من الرجال.

وأهل الزمان، كما ترونَ، أهل فتنة وشقاقٍ، وضياع للحقوق، وتعدٍّ للحدود، فإذا وليهم من لا يشبهُهم ويناسبهم، وقع البلاء، وتحرّجتْ الأمورُ عليه وعليهم.

والرجل الصالح كالجوهرة الثمينة، وأهل الزمان كحاملي الأحجار والأقذار، قصداً منهم، لكسرها أو تلويثها، فانظر بعد ذلك الذي يشيرُ بما يكون في الحالِ بهذه المثابة.

فالله يوفق من يحبّ، ويثبتنا وإياكم على الجادّة المشرقة، المضيئة بأنوار شمسِ الكتاب والسنة النبوية، الناطق صاحبها بالهدى والصواب». انتهت.

تأملوا هذا الكلام الحكيم حق التأمل ..
فالإمام الحداد، رحمه الله، يرى: أن ولاية الأعمال الشرعية لا يصلح لها كل أحد، أو أي أحد، فبعض الناس يكونون بلغوا حدا من التقوى والصلاح والفضل والعبادة مبلغاً كبيراً .. ولكن: قد لا يكون صلاح الأمور وتسيير الأحكام على يدهم كما ينبغي.

وليس مقصوده أن يولاها من قل دينه، كلا. ولكن: يبحث عن الرجل الأهل الكفؤ، وليس بالضرورة أن يكون أعبد أهل الزمان وأزهدهم، بل يكون قد توفرت فيه أهم الشروط المطلوبة، ثم يترك يتصرف في حدود صلاحياته .. ولكن .. إذا تعينت على الأعبد والأتقى، فلا شك أن عليه أن يتحملها ..


الشاهد في الكلام: أن استعمال العقل وحسن النظر في الأمور، مطلوب. وقد يكون من المصلحة تولية المفضول، وإمامة الأقل علماً ومكانة .. والله أعلم.

من مصطلحات مؤرخ مكة المكرمة التقي الفاسي ت 832هـ. الأودان

الأودان
جمع وَدَن، يطلق على المواضع الزراعية الخصبة الصغيرة، وهي فصيحة، لكنها قليلة الاستعمال، قال في «القاموس»: «ودَنه، كوعده، وَدْنا، ووِداناً، بالكسر: بله ونقعه». وفي «تاج العروس»: "الوِدان، بالكسر: مواضع الندى والماء التي تصلح للغُروس"(1).
العلامة الأزهري في كتابه «تهذيب اللغة»، أورد قولاً عن الليث بن المظفر الكناني، من أصحاب الخليل، في ترجمة دين، وهو قوله في تعريف (الدَّين): أنه من الأمطار ما تعاهد موضعاً لا يزال يربّ به، ويصيبه». وأنشد قول بعضهم:
* معهودٌ ودِينُ *
لكن الأزهري استدرك عليه، قائلاً: "هذا خطأ. والبيت للطرِمَّاح:
 عقائلُ رملةٍ نازعْنَ منها ** دفوفَ أقاحِ معهودٍ وُدِينَ
أراد: دفوفَ رملٍ، أو كثبِ أقاحٍ معهودٍ. أي: ممطورٍ، أصابه عهد من المطر، بعد مطرٍ تقدّمه. وقوله: وُدينَ، أي: مودونٌ، مبلولٌ، من وَدنْته، أدِنه، ودْناً، إذا بللته، والواو فاء الفعل، وهي أصليةٌ وليست بواوِ العطف، ولا يعرف الدّين في باب الأمطار، وهذا تصحيف قبيحٌ من الليثِ، أو ممن زاده في كتابه»(2).
مصطلح (الأودان)، تكرر استعماله، بحذر، لدى مؤرخ مكة المكرمة، العلامة التقي الفاسي، في كتاهب «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام»، في مواضع معدودة، هي التالي ذكرها:
الموضع الأول: في ذكر حائط خرمان، قال عنه: «هو، والله أعلم، الموضع الذي يقال له: الخرمانية، وهو أودانٌ بأعلى الموضع المعروف بالمعابدة، بظاهر مكة»(3).
الموضع الثاني: في استدراكه على الأزرقي لذكره حائط خرمان في حدود المحصب، فقال: «وأما حد المحصب من جهة منى؛ فوقع في كلام الأزرقي ما يوهم أنه إلى حائط خرمان، وهو الأودانُ المعروفة بالخرمانية، بأعلى المعابدة»(4)، الخ.
الموضع الثالث: عند تعداده آبار مكة القديمة، المشتهرة في التاريخ المكي، فذكر منها: «بئر لا ماء فيها في الموضع الذي يقال لها: الخرمانية، وهو أودانٌ برأس المعابدة، على جادة الطريق، على يمين الهابط إلى مكة»(5).
الموضع الرابع: عند ذكره البرك التي كانت بمكة المكرمة، قديماً وحتى وقت تأليف كتابه، فقال في ذكر بركة الماجن بمناسبة وصول ماء عين حنين إليها بعد إجرائها: «وقد وصل الماء، أي ماء العين، إلى البركة التي بأسفل مكة، المعروفة ببركة الماجن، خارج باب مكة، المعروف بباب الماجن، بعد تنظيف الطريق إليها، وزرعوا بماء العين أوداناً بقرب بركة الماجن»(6).


الهوامش:
1- الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: إبراهيم الترزي وآخرين، جـ36 (الكويت: وزارة الإعلام في الكويت، 1395هـ/1975م)،  243.
2- الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق محمد عوض مرعب، جـ14 (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 2001م)، 130.
3- الفاسي، محمد بن أحمد، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمري، جـ1 (بيروت: دار الكتاب العربي، 1405هـ/1985م)،   457.
4-    الفاسي، جـ1، 502.
5-    الفاسي، جـ1، 548.
6-    الفاسي، جـ1، 556.


محمد باذيب

الاثنين، 17 مارس 2014

(6) خواطر التناصح والإصلاح .. أصل الداء

(6) خواطر التناصح والإصلاح

كتب أحد الإخوة الأعزاء يقول:
(أتساءل وأفكر بصوت عالٍ: هل المهم تأدية النصيحة ومجرد التنفيس؟
أم  أن النصح بحكمة وأسلوب وإبداع، مع مرافقتها [كذا] بالمحبة والرحمة والأخذ باليد في مساعدتهم، بما يمكن عمليا، على الاتجاه للتصحيح والتغيير .
 الحبايب والعلماء لم يقصروا كثيراً إذا صح ظني. لكن المطلوب من الامة كثير.
والممكن تنفيذه قليل بسبب العدد والإمكانيات والحال الكائن والبيئة والعصر. نحن بحاجة لتظافر الجهود ... وأعتقد ان همتكم وحرقتكم أهلا لعمل التغيير لكن يمكن انه خانكم التعبير وغيره).


وأقول معلقا على كلامه ..
هذه خاطرة طيبة، من قلب محب، ونفس صافية.
وما ذكره الأخ الكريم من علاج ودواء لظاهرة المتمشيخين غير الأكفاء، قد يكون ناجعاً لو أن الأمر عولج مبكراً. ولكن المرض استشرى.
وعلى أن الشيوخ والعلماء، كما ذكر، لم يقصروا في البيان .. ولكنهم قصروا تقصيراً بالغاً في السماح لهؤلاء بالتصدر، مع وجود الأعلم والأصلح منهم.

إن أول مسامير نعش الدعوة المفيدة التي يرجى منها الإصلاح، هو تصدير الفارغين علماً وعملاً. على أي شيء صدروا؟
لا هم من الملازمين للشيوخ مدداً طويلة والسالكين على أيديهم، كما كان عليه أسلافهم.
ولا هم من الفقهاء الذين تخرجوا وأجيزوا بالتدريس.
ولا هم من نوعية المثقفين الذين لهم اطلاع وعلم وإلمام ولو بأطراف من العلوم.  فهم أعداء الثقافة أصلا. أفكارهم لا تصب إلا في قنوات معينة. وكلامهم لا يتجاوز الحديث في أمور مكررة ..
كما أنهم ضعفاء جداً في الوعي التاريخي، والإدراك حتى لتاريخ دعوتهم التي ينتمون هم إليها .. وهذه من أعجب الأعاجيب. وجدت منهم من لا يعرف حتى سلسلة انتمائه في الطريق، ولا يحفظ أسماء شيوخه ولا يكاد يميز طبقاتهم، بله أن يحفظ تواريخ وفياتهم أو يعرف تراجمهم ..

وقلت مرة لجماعة من الإخوة: مجتمعنا الدعوي الصوفي، ينطوي على عقلية الترجمة الكراماتية، التي لا تعرف الترجمة إلا كتلة من الفضائل والعبادة والهالة القداسية للشخص المترجم ..
هذه العقلية إنما سادت وتسود في المجتمعات المهضومة والمغلوب على أمرها، ولا تسود في المجتمعات الراقية علمياً ودعوياً ..
وانظروا الى السلف من الدعاة الأكابر .. من نمط الإمام الحداد، ومدرسته التي خرجت الأكابر، وتفرعت عنها مدارس: السقافية السيونية، والحبشية الراشدية، والسميطية الشبامية، والبارية الدوعنية، والجفرية الهندية، والأحسائية، والعمودية، والحبانية، والسليمانية، والحامدية .. وووو

كل تلك المدارس وفروعها، كانت تعج بالفقهاء والقضاة، والدعاة، ووالنحاة، واللغويين، والأدباء والشعراء، وتفيض مشاعر أهلها محبة لبعضها البعض، الناقص يكمله أخوه، والكامل يرشد الناقص الى سبيل الكمال ..
أما اليوم .. فلا فقه، ولا أدب، ولا علوم آلة، ولا لغة.
مع أن شيوخنا الأكابر الذين مضوا قريباً .. كانوا متنوعي الأذواق، متعددي الاتجاهات، فقهاء قضاة أدباء شعراء لغويين .. وكان التصوف لهم سلوكاً وعملاً تدل عليه أخلاقهم، وكانوا يفيضون محبة على مجتمعات متعددة، ويتلاقون مع الناس في دوائر متداخلة، من ذوي القربى فمن دون.

فما الذي جرى اليوم في الناس؟!
قطعا وحتما إذا بقي الوضع على حاله، ستنقرض تلك الواجهات العلمية الحاضنة، وسيحل محلها صور مشوهة تضر ولا تنفع، كما قال الإمام الحداد في كلامه الذي سبق نشره، ممن سكوتهم خير من كلامهم، لأن كلامهم مضر، ولو كان في أمور الدين، لأنه كلام ناقص، صادر عن نفوس جامحة.

وجوابا على عبارة صديقنا التي قدمناها سابقاً، أقول:

الكلام في هذا توصيف كلامنا ومنشوراتنا على شقين:

الشق الأول: أن جزءا منه تنفيس، لأن الماء زاد على الطحين، وبلغ السيل الزبى. ولأن الأمر المنتقد أصبح ظاهرة يستنكرها الجميع، فالتواري خلف الأسوار، والتجاهل، لا يفيد، بل يزيد الطين بلة، بأن يظن أن الجميع راضون بما يجري من مهازل.

الشق الثاني: مسألة الشفقة على المنتقَد ورحمته والأخذ بيده. وهذه يمكن أن تكون لو أن المتصدر المنتقَد كان يقبل الكلام من إخوانه أو زملائه.
ولكنه لا يقبل إلا من شيخه، هذا إن قبل منه!! وهي إحدى الكبر.

لأن المتصدر الجاهل يكابر، وقد تحدثنا مع بعضهم ممن يوردون الأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما دام الحديث جبته من كتاب، فليس لي علاقة بكونه موضوع او صحيح.
انظر الى هذا الجاهل المغرور ماذا يقول!!
صدق الإمام الشافعي عندما قال: ما جادلني جاهل إلا غلبني.

كيف تفهم هذا الشخص أن الحديث الموضوع يحرم روايته والتحديث به إلا لبيان وضعه. وهو يقول لك: وجدته في الكتاب الفلاني، أو ذكره الشيخ أو السيد فلان!! إذا كان الناقل الأول جاهلأ بحكم الحديث فيعذر. أما هذا الناقل الثاني فلا يعذر البتة وقد أقمنا عليه الحجة.


هذه العقول يا سادة يا كرام .. تحتاج الى غسيل بجف وكلوركس، وإعادة جليها من جديد .. المصيبة من سكوت بعض الشيوخ على باطل أتباعهم، واستمراء خروقاتهم الكبيرة للعلم، وانتهاكاتهم المتكررة في مواعظهم البائسة التي مل الناس منها.

الجمعة، 14 مارس 2014

(5) خواطر التناصح والإصلاح





وهذا حوار آخر دار بيني وبين بعض الأعزاء، ممن أحبهم وأكبرهم وأجلهم ..

قال لي: لقد أثارت مقالاتك بعض الأعيان، وانزعجوا منها.

قلت له: الأمر طبيعي، ومن حق أي شخص أن يغضب أو يحزن أو يفرح. كل يبدي مشاعره كما يحب أن يعرف عنه.
لكن أخبرني .. وبيّن لي انت وجه خطأي، ولو من وجهة نظر المنزعجين

فقال لي: ما دمت طلبت وجهة نظري، فأقول بكل صراحة: ما كتبته انت جميل ورائع لو لم تخص مدرسة بعينها .            فإن (طائفة) من الناس ما أروعهم في الصيد في الماء العكر ولو ذبابة . وتخصيص مدرسة آل باعلوي بالذكر ارى انه نشر غسيل .. ولو كان حقاً!.

قلت له: لكني لم أخصص مدرسةً بعينها في كلامي.

قال لي: لا اقصد المدرسة العلوية على بالتحديد ولكن الكلام واضح يفهمهُ اللبيب فقولك: «إن العبرة في المتصدرين بأخذهم الحقيقي عن الشيوخ، أما لو كان التصدر لكل من لبس عمامة، فأخدام السقاف أجدر من كثيرين .. يلبسون عمائم، وأدركوا الكبار من السادة والمشايخ، وجالسوهم وسمعوا كلامهم ووعظهم».

وأردف قائلا: .. هذا الكلام، لا يفهم منه المدرسة السرورية او المدخلية او الجامية او حتى السلفية، فلا نعلم احداً منهم  متصوف او لبس عمامة او خدم عند أحد من آل السقاف!!. فالكلام واضح كالشمس في رابعة النهار، من هم المعنيون على وجه الخصوص .

قلت له: لقد قرأ بعض الإخوة كلمتي على أحد أعيان تريم وعلمائها، فقال: لقد أعليت قدر المتصدرين بمقارنتهم بأخدام السقاف، فكثير منهم لم يبلغوا حتى قدر أاخدام السقاف!.

ثم قلت له: حتى اﻻن لم تحدد الخطا في كلامي. هل مجرد الكﻻم القاسي والتانيب هو المزعج؟ ام شيء اخر!

فأجاب بما ختم به الحوار .. ولم يعقب بعدها، قال:
لا ادري سيدي أي قوم من الناس نحن الحضارم، قوم مغضوب عليهم... والحقد لا يوجد في احدٍ اكثر منهم !! والحسد كذلك ! وفرد العضلات على بعضناً ليس له نظير حتى في الديانة اليهودية.
ولا يوجد أجبن منا في حين إن تطاول علينا بغير غير حق صاحب اي منهج سوا كان وهابي او شيعي او حتى صهيوني !!!!
لا ننتقد الا بعضنا البعض !!! هي حقيقة مُرّة نحتاج أن نجلد بها انفسنا قبل جلد غيرنا . فاما أن نكون منصفين مع الكل والا يجب علينا أن نسكت وناخذ بالمقوله الحضرمية نحنا من قوم ما سيبي وهو الاسلم .

وقال أيضاً:
ثم سؤال بسيط: ما هي الدواعي الحقيقية للكلام القاسي والتأنيب كما ذكرت ؟؟!
وما هو الشيء الحقيقي الذي ازعجك وجعلك تصرح بهذا الكلام عل فيس ؟؟ اهو ما ذكرته فيه ام هناك شيءً آخر يحتاج الافصاح عنه ؟؟؟ .
لماذا لا نستانس ان نقول ما لدينا في مجالسنا العامة وما اكثرها امام الكبير قبل الصغير ما دمنا نريد التقويم ؟؟!! فليس الفيس وتويتر والوتسب مكان يدخله كل من بيدهم امكانية تقويم المعوج . للأسف واقع اجده في جماعتنا فقط كما اسلفت، هذا ما لديّ.

[تنبيه: .. لا أوافقه أبدا على تلك الأوصاف التي تكرم بخلعها على قومنا وقومه، وهي عبارات حانقة بنت وقتها، لا أشك أنه سيتراجع عنها .. ].

فأجبته بقولي:
نعم. اﻻسباب كثيرة (وستأتي في وقتها المناسب).
وليس هناك فرد عضلات كما تفضلت.
اخي الكريم الغيور .. اعلم أن لكل كلام تصور وتصديق. فلعلك تصورت اشخاصاً باعيانهم نزلت عليهم كلامي . فمن هم بنظرك؟ فإن كان هناك احد يصدق عليه كلامي. فهل نقدي لوضعِه عارٌ وخزيٌ وحسدٌ وفردُ عضلات؟
ثم ما الذي دعاك الى اعتقاد او تصور ان المنتقد امرا ووضعا خاطئا يعد فاردا عضلاته؟  لـمَ لـمْ تقُل إنه قام بواجبه، وبرأ ذمته؟. ثم ما هو الشيء الذي ترى انه ﻻ يحب السكوت عليه. من وجهة نظرك.

انتهى حواري مع الأخ العزيز .. بأنه يستنكر نشر هذه الأمور على صفحات الفيس بوك، فقط لا غير!. فاطمأن قلبي، وحمدت الله على أن الأمر وقف عند هذا الحد.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.




(4) خواطر التناصح والإصلاح


(4) خواطر التناصح والإصلاح

لم يزل الجدل والمراسلات والمباحثات حول موضوع نقد المتصدرين غير المتعلمين أصلاً، أو المشتغلين بعلوم غير شرعية ويتصدون للدعوة والإرشاد على غير بصيرة ولا هدى. وكان أشد ما وصلني مما يؤلم القلب، تفريق بعض الناس بين العلم والدعوة، وقول أحدهم لي: إن المترسم بزي العلماء والصالحين، يكفي حضورُه وتصدره في مجالس النفع العام، ولو لم يكن طالب علم، لأن المقصود هو الدلالة على الله!!.

هكذا قال ، مستنكراً عليَّ قولي: إنّ بعض المتصدرين لم يدرس إلا دراسة علمية غير دينية، من هندسة وطلب وغير ذلك، ولا يعرف له طلب للعلم.

ليته قال لي: يكفي للمتصدر للنفع العام، والدعوة الى الله أن يكون عالماً بمقاصد الشريعة العامة، وبالأخلاق الدينية، والضروري من الأحكام، ويكون قد قرأ بعض المتون، ودرس شيئاً من المختصرات، من غير أن يتبحر ويتوسع فيها، مما هو شأن المتخصصين. فلهان الخطبُ.

وآخر تحجج لي بأن بعض الأولياء المعتقدين، والشيوخ الذين يدور عليهم بعض أسانيد الأوراد والطريق بالإجازة والتبرك، كان أمياً!!.
ولا أدري ما مناسبة ذلك الاستدلال أو الاستشهاد في موضوعنا!!.
بل أزيده من الشعر بيتاً .. فإن بعض أسانيد كتب الحديث تدور على أميين، كأبي طالب الحجار ابن الشحنة، الذي سمع البخاري من الحافظ الحسين بن المبارك الزبيدي، وسمع منه آخر عمره كبار أهل عصره، كابن تيمية، والذهبي، والمزي، والبرزالي، وابن كثير، ,ابن ناصر الدين، وغيرهم .. وكان رجلا عامياً يعمل في الحجر والطين!!
ولكن هذا كله في غير محل النزاع، وفي غير الموضوع ..

حديثي ونقدي واستنكاري .. ينصب أيها القراء الكرام في الآتي:

شباب تلقاهم في جيئة وذهاب الى مجالس أسبوعية أو يومية، لا يقرأ فيها كتاب فقه. أو يقرر فيها من لم يدرس ذلك الكتاب ولم يحكمه!.

شباب يضيعون أوقاتهم وأوقات من حولهم في هرج وكلام لا هو علم ولا هو تصوف ولا هو وعظ. يعمد أحدهم الى كتاب من كتب الوعظ باللغة الدارجة، التي تشبه الأمالي، فيقرأها على مريديه وطلابه!
وهكذا .. يزجي وقته وأسابيعه وشهوره في سرد ذلك الكتاب الذي باللهجة العامية القديمة، ويزيده من عاميته المعاصرة .. ثم يدعو بعد الدرس بدعاء: ربنا انفعنا بما علمتنا ..
نعم .. ربنا انفعنا بما علمتنا .. إن كان يصدق على تلك القراءة أنها علم أصلاً.

إن أرباب ذلك الكلام المجموع، ومملي ذلك الكلام المسموع .. كان من السلف الصالح ولا ريب. كان أحمد بن عمر بن سميط إمام وقته، وكان عيدروس بن عمر مسند مصره، وكان علوي بن شهاب شيخ الوادي .. وكان وكان ..
أقلهم تحصيلا من يكاد يحفظ المنهاج أو التحفة. وكلهم أو جلهم يحفظون الإرشاد لابن المقري. لأن الطالب في زمنهم لم يكن يتعمم إلا يوم ختم الإرشاد، غالباً.
وأقلهم تحصيلا من يحفظ ألفية ابن مالك والزبد والجوهرة والشاطبية.
وفيهم من يقرأ بالعشر المشهورة، أو بالسبع المتواترة .. وأقلهم من يحكم قراءتي حفص وأبي عمرو.
وفي التصوف .. كانوا رهبان الليل، يختمون في كل سبع على الأقل.
وفيهم من يكاد يحفظ الإحياء .. أما البداية فيعملون بها من سن العاشرة.
وأما الشيوخ .. فأقلهم من أخذ عن عشرين شيخاً .. أخذاً تاما، قراءة، وحضوراً، وملازمة، وتقريراً .. والنادر من الشيوخ من كانوا يأخذون عنه الإجازة العامة المجردة.
وتلك تراجمهم .. دونك فانظر

أيها الناس ..
إن مجرد حركات، لا تقدم ولا تؤخر.
إن التمشيخ والتزبب قبل الحصرمة. داهية دهياء.

قال إمام الإرشاد، الحبيب عبدالله بن علوي الحداد: «.. فانظر كيف صار نطق هؤلاء الجهال المترسمين أضر على الناس من سكوتهم! تعرف به فرقا بين علماء الدين الذين هم ورثة الأنبياء وأئمة الهدى، وبين الجهال المتشبهين بهم والمترسمين برسومهم في رأي العين وظواهر الأحوال هؤلاء ينفعون الناس بعلمهم، ويهدون الناس بهديهم، ويبينون للناس سبيل ربهم وما فيه فوزهم ونجاتهم في معادهم ومماشهم. والآخرون يضلون الناس بفتواهم، ويلبسون عليهم أمرهم.
وسيأتي فيما بعد مزيد شرح في أحوال الجهال المترسمين المتشبهين بالعلماء في ظواهر أحوالهم مع إفلاسهم عن حقائق العلم والتقوى، وإخفاقهم من بضائع الدين والهدى من طوائف المغرورين ..». انتهى من كتاب «الدعوة التامة».

ومن العجيب في موضوعنا هذا أيضاً:
أنني أنكرت أموراً معلومة عند الناس، يعرفها الصغير والكبير، والقريب والبعيد، ونقدت ظواهر سبق أن نقدها قبلي كبار القوم، ومع ذلك، لقيت من بعض الناس صلفاً ومكابرةً، والبعض اتهمني وتكلم علي في حضرتي وغيابي، وكل هذا متوقع.
لكن غير المتوقع هو المكابرة في قبول الحق، وعدم الانصياع للنصيحة، وعدم اتهام النفس وحملها على إكمال نواقصها، والتطلع الى معالي الأمور، وسني الأحوال.

وقد هالني قول إمام الإرشاد، سيدنا الحداد، رحمه الله: «.. وربما يجيء زمان بعد هذه الأزمنة، وأيام بعد هذه الأيام، يشتد فيها التكبر، ويعظم فيها الأذى على من يدعو إلى الحق وينصح في الدين. فليغتنم الداعي إلى الله وإلى الهدى في هذه الأيام الدعاء إلى الله فيها وإلى دينه والحال ما وصفناه، من قبل أن يأتي زمان آخر، وناس آخرون يرد فيه الحق على أهله ردا صريحا، ويؤذون على ذلك أذى قبيحا؛ بل ربما يبادؤون بالأذى من قبل أن يدعوا إلى الحق والهدى، وذلك عند اقتراب الساعة وظهور أشراطها وأماراتها العامة. كما يعرف ذلك من نظر في الأخبار والآثار».

رضي الله عنه، ما أنفذ بصيرته!.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ..

الخميس، 13 مارس 2014

أيكون تتلمذ وتمشيخ على فراش الموت!؟




قال لي:
نراك غاضباً هذه الأيام .. على المتصدرين!

قلت له:
وكيف لا أغضب .. ولا أحزن!
وهذا الشاب الظريف .. ذي الكلام اللطيف، والجسم النحيف
يدعي الأخذ عن كبار الشيوخ ..
لمجرد انه قبل اياديهم وهم على فراش الموت

إنها جريمة كبيرة في حق العلم
ودعوى عريضة في حق أهل الطريق

كيف تريدني أن أسكت على هذا الكذب الصراح؟!
ولو وجدت منم يعارضني ويسكتني .. لسكت

ولكني وجدت الصغير قبل الكبير يؤيدني في هبتي عليهم

ولا حول ولا قوة إلا بالله

تريم .. حرم الإقليم

تريم .. حرم الإقليم

قال لي:
أراك تحب تريم كثيراً !! 

بينما أنت من شبام!؟




قلت له:
تريم مثلها مثل الأب الروحي .. وشبام مثل أب النسب.

وخذ إليك قول الشاعر:

أقدم أستاذي على فضل والدي ** وإن كان لي من والدي العز والشرف

فذاك مربي الروح، والروح جوهر ** وهذا مربي الجسم، والجسم كالصدف


الصورة لمسجد القوم، باعلوي




وفي مسجد بني علوي سر ** له حن الفؤاد وكم أجاهد

لعلي أن أمس بحر وجهي ** مكاناً مسه قد لعابد