الاثنين، 13 أبريل 2015

الاسم الصحيح لسيرة ابن قنفذ القسنطيني

الاسم الصحيح لسيرة ابن قنفذ القسنطيني

وسيلة الإسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام، من الكتب القيمة التي اقتنيتها قبل مدة طويلة، وهو كتاب وجيز في السيرة النبوية، وأهم الأحداث والوقائع، لعالم جزائري جليل القدر، هو الشيخ أحمد بن حسن الشهير بابن قنفذ، المتوفى سنة 809هـ، أو 810هـ. صدرت الطبعة الأولى من ذلك الكتاب سنة 1404هـ، عن دار الغرب الإسلامي، بتحقيق سليمان الصيد المحامي، وتقع في 182 صفحة.



وقريباً، نزل إلى المكتبات كتاب جديد لابن قنفذ، عنوانه قريب جداً من الكتاب الأول، وهو كتاب «حمية الإسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام»، صدر عن دار ابن حزم، بتحقيق ودراسة د. بوركبة محمد، أستاذ بكلية العلوم الإنسانية بجامعة وهران، الجزائر. ويقع في 252 صفحة.



تشابه اسمي الكتابين، يثير التعجب، بل والاستغراب، فقل من يؤلف كتابين باسمين متقاربين جداً. وهو ما أثار تعجبي. فطفقت أولاً أنظر في ترجمة المؤلف، لأتبين هل هما مذكوران في ترجمة المؤلف كلاهما أم لا. فخرجت بنتيجة أن الكتاب الأول (وسيلة الإسلام) هو المذكور عند بعض من ترجم لابن قنفذ، فذكره السيد عبدالحي الكتاني في «فهرس الفهارس» 2/973، وتبعه عادل نويهض في «معجم أعلام الجزائر» ص 268. ولم أجد ذكراً للحمية!.
ثم أخذت الكتابين وقارنت بينهما، ففوجئت أن الكتابين هما كتاب واحد، فهما متحدان في المقدمة، والأبواب، وفي كل شيء. لا فرق بينهما سوى اختلاف التسمية، واختلاف وصف النسخة الخطية الوحيدة التي طبع الكتابان اعتماداً عليها، وفي عدد صفحات المطبوعتين.

نسخة الكتاب الخطية:

من مثيرات التعجب أيضاً، أن محقق (وسيلة الإسلام) و(الحمية) اعتمدا على نسخة فريدة، وحاشى المحامي ذكر موضع حفظها، ومكان وجودها، وطريقة الحصول عليها. واكتفى بقوله:  إنه مخطوط مكتوب على ورق عادي سميك، بخط واضح!! تتخلله بعض الأغلاط. وعدد أوراقه 51 ورقة ونصف ورقة!.

أما د. بوركبة، فوصف نسخته وصفاً شاملاً، فهي تقع في 49 ورقة، حصل عليها من عبدالرحمن المسيلي. كتبت بخط أندلسي، سنة 1199هـ.
نعم، المحامي وضع صوراً عن نسخته، في حين لم يضع بوركبة صورةً.


الاسم الصحيح للكتاب:
من خلال قراءتي لصورة الصفحة الأولى من مصورة المخطوط التي أوردها المحامي في مقدمة نشرته (تحقيقه) للكتاب (ص 26). استطعت أن أقرأ قول المؤلف: «.. وسميته بظهور البركة بقراءة الحديث النبوي في السكون والحركة، وحمية الإسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام. ورتبته في سنة تسع وثمانمائة ..»، الخ.
أي أن للكتاب اسمين، على عادة جرى عليها بعض المتقدمين:
الاسم الأول: ظهور البركة بقراءة الحديث النبوي في السكون والحركة.

والاسم الثاني: حمية الإسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام.
فلا يوجد في مقدمة النسخة الفريدة أي ذكر أو إشارة إلى كلمة (وسيلة)!. وإنما وضعها المحقق المحامي في طبعة دار الغرب، على غلاف الكتاب اعتماداً على ما ورد في ترجمة المؤلف من مصادر مختلفة. والغريب أن المحامي علق على كلمة (وسيلة) في الهامش 1، ص 32، بقوله: «في الأصل المخطوط مكتوب: وحمية الإسلام»!. فبأي حق أتاح لنفسه تبديل كلمة من الأصل المخطوط؟!. فما فعله المحامي غير صحيح. 
وعليه، فالصواب هو ما في طبعة د. بوركبة. وإن كان اعتمد أو اكتفى بأحد الاسمين عن إثباتهما معاً، وفي ذلك مندوحة. لكن من الغريب أن نجده يعلق في نفس الموضع من طبعته، 2 68، الهامش 3، فيقول: «هناك كتاب لابن قنفذ في السيرة النبوية، بعنوان (وسيلة الإسلام ..)»، إلى آخر كلامه، في وصف طبعة المحامي!!. فلم يكلف بوركبة نفسه تعب تحصيل الكتاب، والنظر فيه!! مع أن طبعته صدرت عن دار ابن حزم، بيروت، هذه السنة 1436هـ، وكتاب (الوسيلة) مرفوع على شبكة الانترنت، فلم يبق الانترنت لمعتذر عذراً في عدم العلم والمعرفة.
أخيراً .. ذكر د. عبدالعزيز صغير دخان، أنه عثر على نسخة أخرى من الكتاب، في مدينة تمنطيط، بولاية أدرار، جنوب غرب الجزائر، كما جاء في مقدمة تحقيقه لكتاب ابن قنفذ (شرف الطالب)، ص 43، الصادر عن مكتبة الرشد سنة 1424هـ.

 ختاماً، هذا ما أردت قوله وبيانه، والله الموفق والهادي.


د. محمد أبوبكر باذيب
جدة، 24 جمادى الآخرة 1436هـ